· مقدمة عن الجينوم
عند بزوغ فجر الالفية الثالثة خطا علم الاحياء ومجالاته المختلفة-خاصة التقنية الحيوية والجينوم والبروتيوم-خطوات كبيرة للامام،بعد الاعلان عن رسم الخريطة الوراثية للانسان،وهو المشروع الذى عرف بمشروع الجينوم البشرى. وانتشرت فى معظم وسائل الاعلام موجة من الامال العريضة تشير الى ان انجازهذا المشروع الكبير يعنى بداية الخلاص من اخطر الامراض. لكن علينا ان نشير الى ان هذا الانجاز لا يزيد عن فتح احد الابواب الرئيسية المغلقة المؤدية لفهم الامراض وعلاجها، فما توصل اليه العلماء حتى الان هو قراءة كتاب الحياه فقط من خلال الجينوم،لكن فهمه واستيعابه ولاستفادة القصوى من جميع معطياته ،يحتاج الى المزيد من البحث والتواصل .
تم صياغة مصطلح الجينومات(المجين) عام 1920م-من قبل عالم النبات الالمانى "هانس وينكلر" .- على انه كل المعلومات الوراثية المشفرة ضمن الدنا الذي يتكون منه الجينوم ، واحيانا ضمن الرنا الذي ايضا يتكون منه الجينوم كما فى حالة الفيروسات. ويشمل الجينوم مجموعة من الجينومات غير مشفرة من الدنا نفسه والتى توجد بين الجينومات. وبشكل اكثر دقة فان الجيتوم هو التسلسل الكامل للدنا ضمن مجموعة وحيدة من الصبغات(haploid) . وبمعنى اخر هو المخزون الوراثى الكامل للكائن الحى والمكون من جميع مورثاته المتضمنة بدورها المعلومات المشفرة الكاملة عن تركيب الكائن الحى، ووظائف وطبيعة كل جهاز او عضو فى هذا الكائن اضافة الى اليات نموه وتطوره.
تعد دراسات الجينوم من دراسات العلمية المتقدمة جدا، حيث يتم التعرف على الشفرات الوراثية وتحليلها. والتى يصل طولها الى الملاين او الاف الملاين من الاحرف الوراثية مرتبة ومتساسلة للتعبير عن وظائف الكائن الحى . ويؤدى تفكيك شفرة المعلومات الوراثية الكاملة لاى كائن حى الى رسم الخارطة الوراثية له. تحدد الخارطة الوراثية مسؤلية ووظيفة كل صفة من صفات المخزون الوراثى للكائن التى تساعد بدورها على فهم جميع الصفات الوراثية واليات العيش والتعايش ومقارنة الامراض وغيرها من الصفات كل ذلك عن طريق الجينوم.
يتناول هذا المقال التسلسل التاريخى للجينوم وتطور ابحاثه. وطرق وتقنيات دراساته. واهم الجينومات التى درست، واحدث الجينومات، وعلم الجينوم المقارن، واهم المراكز العالمية، اضافة الى الجينومات المكتشفة والتشريعات اللازمة.
نظرة تارخية
ادرك العلماء خلال العقدين الاخرين ان للوراثة لغة خاصة بها مثل اى لغة اخرى ، مكتوبة ومقروءة ، وهى لغة واحدة بين جميع الكائنات الحية- فتبارك الله احسن الخالقين- وتتكون ابجديات هذه اللغة من اربعة حروف تستخدم فى كتابة كلماتها وجملها هى الادينين (adnin;a) ، الجوانين(guanine;g ( السيتوسين ( cytosine;c) ، والثايمن (thymine:t) . وتكون ههذه الحروف الاربعة عددا محدودا من الكلمات الثلاثية (شفرة الوراثة) – 64 كلمة وراثية كل منها تسمى كودون – ولكن هذه الكلمات تكون عددا لانهائيا من الجمل يتمثل فى الجينومات المعبرة عن كل صفات الكائن الحى. وبالنظر لابجديات اللغة العربية نجد انها 28 حرفا وتكون عددا لانهائيا من الكلمات والجمل . وكذلك اللغة الانجليزية وحروفها 26 حرفا وتكون ايضا عددا لانهائيا من الكلمات والجمل . وهذا دليل على اعجاز الخالق سبحانه وتعالى .
تعود اصول الوراثة الى العالم النمساوى " جورج مندل " (1822- 1884 ) الذى وضع القانون الاول والثانى من قوانين علم الوراثة ، وهو صاحب نظرية " ان كل صفة تكون لها اصل من الاب والام " . اجرى مندل ابحاثه على نبات "بسلة الخضر " ونشر نتائج ابحاثه عام 1866 م ،فى كتابه بعنوان " اصل الانواع والوراثة المزجية ": ولكن لم يهتم بها الباحثون فى هذا الوقت ، حيث كان العالم مشغولا بنظرة التطور للعالم "داروين " وكتابه بعنوان " اصل الانواع والوراثة المزجية " الا فى عام 1900 م ، حيث اعيد اكتشاف قوانينه بواسطة الباحثين والعلماء فى اكثر من جهة بحثية على حشرة الدروسوفيلا (ذبابة الفاكهة ) بعد ان لاحظوا ان بعض الحشرات ذات لون العين الاحمر تنتج ابناء لون العين لديهم ابيض .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق